استقبل أهالى مدن القناة قرار الحظر بفرح وعناد ليسا غريبين على طبيعتهم التى لا يعرفها مرسى ولن يعرفها؛ لأنه اختار من البداية أن يكون رئيساً لـ«جماعة» لا رئيساً لدولة، ولأنه يحكم بـ«حسبة» محلية وإقليمية ودولية خاطئة ومغرضة وتهدد مصالح مصر وأمنها القومى.. أى رئيس هذا؟!
اجتمع أهل القناة -بقدر ما فيهم من وحدة ملامح ومشاعر وأحلام- على رد الضربة للرئيس.. إنما بصورة أعنف وأشد إهانة لمقام الرئاسة الذى لم يحفظ له مرسى هيبة أو كرامة، نزلوا إلى الشوارع بالآلاف. غنوا ورثوا موتاهم ولعبوا كرة قدم وأخرجوا لسانهم لكل من استهان أو حاول أن يستهين بكبريائهم، وأولهم رئيس الجمهورية.. أى رئيس هذا؟! لا يعرف الدكتور مرسى وجماعته، التى تشبه نفقاً تاريخياً مظلماً، أن بورسعيد والإسماعيلية والسويس أرض بطولة.. أرض عناد.. أرض مقاومة، لا يعرف أن الله خلقها هكذا وما خلقه الله لا يفسده ولا يرهبه ولا يغيره بشر، لا يعرف أن أهل هذه الأرض طيبون كرماء وهو الذى قصدهم عندما كان يتسول أصواتهم الانتخابية لكنهم تحولوا إلى وحوش عندما خانهم وتجرأ عليهم وأثخن جراحهم المفتوحة منذ أكثر من أربعين عاماً.. أى رئيس هذا؟!
لا يعرف الدكتور مرسى ولا مرشده ولا شاطره ولا كل الكتاتين التى تطن فى رأسه وتحوم حول مائدته.. أن أهل القناة هم المادة الخام لـ«الكبرياء»، وأنهم مناضلون بالفطرة، وأن كل رصاصة أطلقها مستعمر نحو بلدهم كانت تمر من أجسادهم فتنخمد نارها فى دمهم. لا يعرف الرئيس أنه «لعب فى عداد حكمه» عندما داس على ذيل الوحش الرابض على شاطئ قناة السويس.. أى رئيس هذا؟!
أربعون عاماً وأكثر وأهل القناة يجلسون على شاطئها ويتطلعون إلى مراكب الفلوس وهى تعبر من سوق إلى سوق وكلهم أسى وحسرة.. يدلدلون أقدامهم فى نهر العسل واللبن هذا ولا يخرجون إلا بـ«سمكة» صغيرة يشوونها على صهد حزنهم ويحمدون الله على «قليله» ثم ينامون وكبرياؤهم مصانة، أربعون عاماً والسلطة تخايلهم بوعود التنمية وأحلام الرخاء لكنهم ما زالوا فقراء، والأنكى أن مصر كلها تحسدهم وتزاحمهم فى رزقهم ولولا إحساسهم بالمسئولية، لولا عرق الوطنية النابض فى أجسادهم.. لقالوا لـ«مصر»: نحن من طريق وأنتِ من طريق.
لن يكفى أهل القناة كلام ولا فعل، لن يأتى رئيس ينصفهم إلا إذا كان يعرف قدرهم ويصدقهم ويؤمن بتاريخهم المشرف، و«مرسى» لا يعرف.. فأى رئيس هذا؟!
الوطن | تعرف إيه عن مدن القناة يا «مرسى»؟!